السودان: مدافعات تنتظرن الاغتيالات!

السودان: مدافعات تنتظرن الاغتيالات!

بيان – 1 يونيو 2023

لاتزال الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني والتي بدأت في الساعات الباكرة من 15 أبريل 2023 جارية “نتيجة فشل الأطراف المتصارعة في التوصل إلى الاتفاق الجديد غير الذي تم توقيعه في أواخر العام الماضي (والذي) كان من المفترض أن يمهد الطريق لانتخابات ديمقراطية، لكن أعمال العنف يوم السبت اندلعت بعد أسابيع من التوترات المتصاعدة“. وتزداد ضراوتها وخطورتها كل ساعة على عدة مستويات، ومنها على مستويات النساء والأطفال وكبار السن والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان والنسويات. ولازالت الجرائم المتنوعة التي يتم ارتكابها من قبل الطرفين المتقاتلين تتصاعد يوما بعد يوم، في ظل تعتيم إعلامي وتحرك محدود من قبل المنظمات الدولية. وفي هذا الضوء، تلقى التحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان في غرب آسيا وشمال أفريقيا (WHRDMENA) بشكل مباشر عدد من الانتهاكات التي تم ارتكابها عن طريق التوثيق مع بعض عضوات التحالف، بالإضافة إلى الجرائم والمعلومات المدرجة في البيانات المشتركة التي وقع عليها التحالف مع منظمات ومنها مركز نورا لمحاربة العنف الجنسي (NORA) ومنظمة العمل من أجل حقوق المرأة السودانية (SUWRA) والخدمة العالمية لحقوق الإنسان (ISHR)، وأخيرا، الأخبار التي تتوارد من المدافعات عضوات التحالف في الدول التي تستقبل اللاجئات واللاجئين من السودان.

 وعليه، تهدف هذه الورقة إلى جمع أكبر قدر ممكن من الانتهاكات والجرائم المرتكبة في ظل هذه الحرب في السودان، بالإضافة إلى دعوة المجتمع النسوي الإقليمي والدولي إلى تعزيز أصوات المدافعات والنسويات السودانيات اللواتي يعملن في ظل ظروف قاسية على أقل تقدير، والتأكيد على مطالبهن، والتي تشمل ولا تقتصر على وقف إطلاق فوري وغير مشروط، وسرعة بت الأمم المتحدة في تشكيل تحقيق دولي ومحاسبة كل المتورطين في القتل والجرائم ضد المدافعات والنسويات والنساء والطفلات، والعمل مع المدنيين على تأسيس انتقال سلمي إلى دولة سودانية ديمقراطية تعكس مطالب الثورة الديمقراطية، بالإضافة إلى دعوة المنظمات والمجموعات الإعلامية للعمل على تغطية أكبر لهذه الحرب، وتكبير أصوات السودانيات والمدافعات عن حقوق الإنسان في السودان للاسترشاد منهن عما يجب فعله، والمنظمات الدولية إلى العمل بسرعة على تقديم الدعم الإنساني للشعب السوداني.

الانتهاكات التي تم توثيقها بشكل مباشر من خلال عضوات التحالف:

تم قتل أكثر من طبيبة ومدافعة عن حقوق الإنسان بسبب استخدام الذخيرة التي تجد طريقها داخل منازلهن، حيث تم قتل آلاء فوزي المرضي في أول يوم من الحرب عن طريق رصاصة داخل منزلها، وأصابت رصاصة أخرى كتف والدتها. كما تم قتل طبيبة العيون والمدافعة نجوى خالد حمد في 16 أبريل 2023، وطبيبة التغذية ناهد الإمام في نفس اليوم وإصابة زميلها محمد محمود بالكتف الأيمن. وتطال هذه الجرائم أيضا الصحفيات المدافعات عن حقوق الإنسان في غرب دارفور، حيث تعرضت إحداهما لاستهداف منزلها بشكل مباشر في الساعة السابعة مساء يوم 15 أبريل 2023، وتحديدا في منطقة الجنينة، حينما وصلت عربة مليئة بقوات من الدعم السريع وظلت لأكثر من أربعين دقيقة، وأصابت الرصاصات منزلها. وفي 17 أبريل 2023، علمت هذه المدافعة ببحث أحد قائدي قوات الدعم السريع السابق بالبحث عنها لاغتيالها، نتيجة لأخبار تم نشرها عن أحداث الجنينة في يونيو 2021. ويتم التعرض لها عدة مرات من قبل قوات الدعم السريع، وفي نفس اليوم في الساعة 8:15 مساء، تم اغتيال عمها وإثنين من أبنائه. ونظرا لعملها في الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق الإنسان للنساء، تم أيضا اغتيال 9 من أقاربها يوم 25 أبريل 2023 في الجنينة، وتم سرقة منزلها بالكامل وإضرام النار به، وتم قصف منزل مدافعة أخرى عضوة بالتحالف في الخرطوم، ولم تستطع أخذ شيء من منزلها قبل مغادرته سوى ملابسها وملابس أطفالها، وتم سرقة ونهب بيتها بالكامل بما فيها الأوراق الثبوتية الخاصة بها وأطفالها. وبالرغم من سلامتهم الجسدية حتى الآن، إلا أن حالتهم النفسية سيئة ويعيشون في رعب دائم، وخصوصا الأطفال، بسبب أصوات القصف والقنابل وتبادل إطلاق النيران المستمر.

الانتهاكات التي تم جمعها ونشرها في بيانات مشتركة:

طبقا لتقرير مشترك صدر يوم 2 مايو 2023 من قبل منظمة العمل من أجل حقوق المرأة السودانية (SUWRA) والخدمة العالمية لحقوق الإنسان (ISHR) والتحالف الإقليمي، وصل عدد القتلى إلى المئات، وتحديدا نحو 600، وعدد الجرحى يتجاوز الخمسة آلاف، وتشمل هذه الأرقام قتل أربعة طبيبات ومدافعات و38 من النساء والطفلات في مناطق الخرطوم ونيالا والعبيد والفشير والجنينة بغرب دارفور يومي 15 و16 أبريل 2023، بالإضافة إلى قصف ملجأ للطفلات بلا مأوى في الخرطوم يوم 16 أبريل 2023. كما تعاني النساء كبيرات السن والأطفال من شح الموارد وعدم قدرة المواطنين السودانيين على الذهاب للسوق خلال الوقت المخصص له، نظرا لاستمرار الحرب وخرق الهدنات المعلن عنها، أو قلة وقت فتح الأسواق التي تصل إلى 30 دقيقة فقط وشح المنتجات بها. وتواردت أخبار عن اغتصاب ثمانية نساء من قبل أفراد بالطرفين المتقاتلين، كما تساهم عدم انتظام الاتصالات وخدمة الانترنت في عدم معرفة الأعداد الحقيقية للقتلى والجرحى وضحايا جرائم الاغتصاب، ونتيجة لقطع الكهرباء والمياه، علقت أكثر من مائة مستشفى عملها والذي يتسبب في عدم توفر خدمات الصحة الإنجابية للنساء، لاسيما الخدمات العلاجية للمرضى أو الجرحى من الحرب. كما وصلت أعداد اللاجئات واللاجئين نتيجة نزوحهم من الحرب على الحدود المصرية وتشاد وأثيوبيا، والآخرين الذين يحاولون الوصول إلى السعودية إلى مئات الآلاف، ويعانين على هذه الحدود من عدة مشاكل منها الإجراءات الأمنية المشددة على الرجال على الحدود المصرية، وتفرقتهم عن أسرهم، مما يفرض على النساء الخروج من أسوان والرجوع إلى الحدود للانضمام لهم مجددا والعودة إلى الحرب في السودان، أو قلة توفير الفوط الصحية للنساء.

كما تصارع المدافعات والنسويات السودانيات عبء مضاعف نتيجة الظروف المذكورة أعلاه والتي تهدد حيواتهن، نظرا لعملهن على توثيق الجرائم المرتبكة وتلقيهن تهديدات واضحة ومباشرة باغتيالهن، إما نتيجة دورهن خلال الثورة السودانية، أو كشف وفضح الانتهاكات المتنوعة في الفترة السابقة، أو عملهن على تقديم الدعم الإنساني والطبي خلال هذه الحرب، مما ينذر من قتل عدد من المدافعات والنسويات الشجاعات إما من قبل داعمي نظام البشير القديم، أو كل من الطرفين المتقاتلين في هذه الحرب، حيث يتم اتهامهن بالخيانة من قبل الطرفين، وتهديدهن وتهديد واغتيال عدد من أفراد أسرهن بسبب العمل الحقوقي الذي يقمن به، كما قام “عبد الحي يوسف، زعيم ديني يدعم الجيش والنظام السابق (بإعطاء) “فتوى” للجيش لقتل قادة الحركة المؤيدة للديمقراطية، بمن فيهم المدافعات عن حقوق الإنسان”.

وفي سياق آخر، تجاوزت في الآونة الأخيرة الأعداد الموثقة للعنف الجنسي والجنساني ضد النساء والفتيات في السودان 50 جريمة، “تم الإبلاغ عنها من الأطباء والمحامين وغيرهم من المستجيبين الأوائل الموثقين في الأسبوعين الماضيين“، مما يشير إلى استمرار استخدام العنف الجنسي كسلاح ضد النساء، التي يرتكبها كلا الطرفين المتحاربين. لا يزال العدد الكامل غير مؤكد لأن القتال يجعل من المستحيل على المدافعات عن حقوق الإنسان الوصول إلى جميع الضحايا/الناجيات، ومعظم الضحايا غير قادرات على الحصول على المساعدة الطبية بسبب إغلاق العديد من المستشفيات.

وعليه، يؤكد التحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان في غرب آسيا وشمال أفريقيا (WHRDMENA) على المطالب الواردة في بيان مشترك تم نشره من قبل منظمة العمل من أجل حقوق المرأة السودانية (SUWRA) والخدمة العالمية لحقوق الإنسان (ISHR) والتحالف الإقليمي، ومنها ضرورة قيام “كلا طرفي النزاع والمجتمع الدولي (باللازم) لضمان حماية المدافعات عن حقوق الإنسان، بما يتماشى مع الإعلان الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان وقرار الجمعية العامة رقم 181 بشأن حماية المدافعات عن حقوق الإنسان، و(ضرورة تحديد) منظمات المعونة الإنسانية الدولية الوسائل والمسارات لتقديم خدمات الإغاثة في حالات الطوارئ المطلوبة، ودعم عمل المدافعات عن حقوق الإنسان والنسويات المحليين، (بالإضافة إلى أن يقوم) مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (بإنشاء) آلية تحقيق دولية مع موارد كافية بما في ذلك التحقيق في التهديدات والانتقام ضد المدافعات عن حقوق الإنسان بسبب عملهن، وتوثيق العنف الجنسي والجنساني“. يتوجب على المجتمع النسوي الإقليمي والدولي بتعزيز ونشر أصوات ومطالب المدافعات والنسويات السودانيات، والعمل على توفير مصادر دعم إغاثية لهن، فلا تزال أجساد القتلى من النساء والأطفال والرجال ملقاة في شوارع السودان، دون القدرة من التمكن في وصول المنظمات الإغاثية والإنسانية لهم نتيجة القتال المحتدم.

مصادر وروابط أخرى هامة:

من أجل عقد جلسة خاصة عاجلةبشأن السودان

Global: UN Financing Mechanism Launches Rapid New Funding Appeal for Women’s Civil Society in Sudan

Facebook
Twitter
LinkedIn