نداء عاجل: العاملاتُ المهاجراتُ محتجزاتٌ كرهائن في ظل الأزمةِ الاقتصادية

نداء عاجل: العاملاتُ المهاجراتُ محتجزاتٌ كرهائن في ظل الأزمةِ الاقتصادية

ندعوكن إلى توقيع هذا النداء عبر تعبئة هذه الاستمارة.

نناشدُ بشكلٍ عاجل الأمنَ العامَ اللبناني والسفاراتِ والقنصلياتِ والمنظماتِ الدوليةِ ذات الصلة  معالجةَ أثرِ الأزمةِ الاقتصاديةِ في لبنان على عاملاتِ المنازلِ المهاجرات بشكل مباشر، وذلك من طريقِ تسهيلِ إجراءاتِ العودة إلى بلدانهن، للواتي يخترنَ ذلك، ووضعِ سياساتٍ لمعالجةِ سوءِ المعاملة وعدمِ دفعِ الأجورِ أو تقليصها في ظل أزمةِ شح الدولار. ففي وقتٍ  يشهدُ لبنان ثورة ووضعاً اقتصادياً متدهوراً، يعاني العمال المهاجرون أشد المعاناة إذ يفقدون ما يصل إلى 40٪ من رواتبهم بسببِ انخفاضِ قيمة الليرة اللبنانية، وعدمِ قدرتهم على السفرِ إلى ديارهم في حال اختاروا ذلك. 

خلفيةٌ: الثورةً والأزمةً الاقتصادية في لبنان 

في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، خرج نحو مليون شخص في لبنان إلى الشوارع للاحتجاجِ على سياساتِ الحكومة الاقتصادية التي نشأ عنها تدابيرٌ تقشفيةٌ سببها العجزُ في ميزانية الحكومة. ونتيجة للاحتجاجاتِ المستمرة، استقال رئيس الوزراء  في 29 تشرين الأول/أكتوبر بعد أن رفضَ المتظاهرون/ات ورقةَ إصلاحٍ اقترحتها حكومته في 21 تشرين الأول/أكتوبر.

بدأ الشحُ في الدولار الأميركي في لبنان قبل أشهر من اندلاعِ الثورة، مما أدى إلى أزمةٍ في شراءِ وارداتٍ لا تشترى إلا بالدولار كالبنزين والقمح والأدوية. اشتدت تلك الأزمة عندما أغلقت المصارف أبوابها في الفترة الممتدة  بين 17 تشرين الأول/أكتوبر إلى 1 تشرين الثاني/نوفمبر، مع تطبيقِ رقابةٍ غيرِ رسمية على رأسِ المال بناءً على تعميمٍ أصدره بنكُ لبنان المركزي يمنحُ المصارف حريةَ الحد من السحوباتِ النقديةِ للأفرادِ بالدولارِ الأميركي إلى 500 دولار في الأسبوع. ونتيجة لذلك، أصبح في لبنان سعران للصرف:  الرسمي الذي يستخدُمه البنك المركزي والمصارف التي تعتبر أن دولاراً أميركياً واحداً يساوي 1500 ليرة لبنان بينما سعرُ السوق الفعلي يتقلبُ بين 1900 و2500 ل.ل. وعلى تلك الخلفية أغلقت شركاتٌ أبوابَها وسرَّحت موظفيها وعمالهَا، أو بدأت بتقليلِ الأجور إذ باتت عدة شركات تدفعُ أقل من 40٪ من رواتب موظفيها. وقد أدى هذا التباين في المعدلين أيضاً إلى زيادةٍ في أسعارِ المواد الغذائية وغير ذلك.

الأثرُ على العمالِ والعاملات المهاجرين/ات 

تُلحِقُ الأزمةُ الاقتصادية هذه الضررَ بجميع المقيمين في لبنان،  وأثرُها يصيبُ خصوصاً العمالَ المهاجرين الذين يعملون في ظل نظامِ الكفالةِ العنصري؛ حيث يلتزمُ العمالُ الأجانب، لا سيما عاملاتُ المنازلِ المهاجرات، التزاماً قانونياً بأصحابِ العمل الذين يحددونَ بشكل فردي أجورهَم/ن وظروف عملهم/ن. لا يحمي قانونً العملِ اللبناني العمالَ والعاملات بموجبِ نظامِ الكفالة، لأن العملَ المنزليَ والزراعي مستبعدٌ من القانون نفسه. ويمتلكُ الكفيلُ كل الصلاحياتِ لتحديدِ وضعِ العامل/ة القانوني. قبل الأزمةِ تحدثت المنظماتُ الدولية والمحلية والعمالُ المهاجرون أنفسَهم عن نظامِ الكفالة،  حتى أن وزيرَ العملِ الحالي وصفَه بالعبوديةِ الحديثة،  وكتبت وسائلُ الإعلامِ الدوليةِ بشكلٍ مكثفٍ عن العنصريةِ واستغلالِ العمالِ المهاجرين في لبنان. والحملاتُ الدولية كسرت الصمتَ بشأنِ ارتفاعِ عدد القتلى بين عاملاتِ المنازلِ الوافدات اللاتي ينتحرنَ بسبب ظروفهن. وقد قدَّمت الناجيات من نظامِ الكفالةِ في لبنان شهادات عن مستوى فظيعٍ من الاستغلالِ والإيذاءِ البدني.

تحوّلُ كثيراتٌ من عاملاتِ المنازلِ الوافداتِ أجورَهن بالدولار إلى عائلاتهن في بلدانهن الأصلية، إذ كن يتلقينَ أجورَهن بالدولار الأميركي أو كان بإمكانهن بسهولةٍ التحويلُ من الليرة اللبنانية إلى الدولارِ. ولكن مع اشتداد الأزمة، لم يعد بإمكانهن تحويلُ أموالهن بعدما رفضت وكالاتُ الصرافة جميعَ المعاملات إلى خارج لبنان بأي عملةٍ باستثناء الدولار. لذلك تضطرُ العاملاتُ الآن إلى تبديلِ أجورِهن من الليرةِ اللبنانية إلى الدولارِ الأميركي على أساسِ مجموعةٍ متنوعةٍ من أسعارِ الصرف مما يؤدي إلى خسارة 20 إلى 30٪ من أموالِهن في هذه العملية، بالإضافةِ إلى دفعِ رسومِ تحويلِ باهظة. يتعرضُ العمالُ والعاملاتُ المنزليون/ات المهاجرون/ات لخطرِ فقدانِ ما يصلُ إلى 40٪ من أجورِهم في هذه الظروف. وبسببِ التاريخِ الطويلِ للاستغلالِ القائم بالفعل في لبنان، هناك مخاوفٌ جدية من أن العديدَ من أربابِ العمل ربما حجبوا أجورَ العاملات والعمال.  وبموجبِ نظامِ الكفالة، لا تملكُ العاملاتُ إمكانيةَ الوصولِ إلى الآلياتِ القانونيةِ التي يمكنُ أن توفرَ الحمايةَ في هذه الظروف.

لا يمكنُ للعاملاتِ المنزلياتِ المهاجراتِ أن يقررنَ ببساطةٍ مغادرةَ لبنان. في الممارسةِ العملية، يمنحُ نظامُ الكفالةِ صاحبَ العملِ الحقَ في إنهاءِ العقدِ قبل أوانه، وبصرفِ النظرِ عما إذا كان العقدُ قد انتهى أم لا، ذلك أن الكفيلَ هو الذي يحقُ له شراءُ التذكرةِ ومعالجةُ الأوراقِ القانونيةِ اللازمةِ لخروجِ العاملات من لبنان. ومن الضروري التوضيحُ أن هذا هو الحال بالنسبةِ إلى العاملاتِ والعمال الذين واللواتي لديهم/ن إقامةٌ ساريةٌ في لبنان. لكن هناك عشرات الآلافِ من العمالِ والعاملاتِ المهاجرين/ات غير الشرعيين/ات الذين يعملون/ن كـ”مستقلين/ات”، أي ليس لديهم/ن تصاريحُ إقامةٍ صالحةٍ أو حتى لا يمتلكون/ن جوازاتِ سفرهم/ن، لأن معظمهم/ن قد فروا وفررن من منازلِ أصحابِ العملِ بسببِ سوءِ المعاملةِ أو عدمِ دفعِ الأجورِ أو غير ذلك من الانتهاكات. وبصرفِ النظر عن السبب، تُعتبَرُ العاملةُ التي تتركُ صاحبَ عملِها “غير قانونية”، في حين أن  مُشغِّلها السابق لا يتحملُ أي عقوبة.

تواجهُ العاملاتُ غير المسجلات عوائقَ لا تُصدَّقُ أمام مغادرةِ لبنان، فهناك عقباتٌ قانونيةُ وماليةُ تعيقُ هذه العملية. فعلى سبيلِ المثال، يبلَّغُ أصحابُ العملِ عادةً السلطات عن العمالِ الذين فروا من منازلهم على أنهم “هاربون” لإعفاءِ أنفسهم من مسؤوليتهم تجاههم. عندما يحدثُ ذلك، تصبحُ العاملةُ غيرَ مسجلةٍ، ومن ثم تُجبِرُ على دفعِ تذكرةِ ترحيلها، بالإضافةِ إلى 200 دولار سنوياً كرسومِ جزائية عن كل سنةٍ انتهت فيها مدةُ الإقامةِ وتصاريحُ العمل. وبالتالي يمكنُ للعمال أن يكونوا عالقين في لبنان، في الاحتجازِ أو يعملونَ دون وثائق، إلى أجلٍ غير مسمى. كما تقضي المئاتُ من عاملاتِ المنازل شهوراً في السجنِ في انتظارِ المالِ مقابلَ تذكرة سفرهن، وكذلك ينتظرنَ دعمَ سفاراتهن في تلقي وثائقَ سفرٍ جديدة. ولا تقدِّمُ العديدُ من السفاراتِ والقنصليات أي دعمٍ يُذكر لهن. وفي ظل الأزمةِ الاقتصادية، فإن هذا الأمرَ سيزداد سوءاً، فالعاملاتُ المهاجراتُ محاصراتٌ في لبنان ويواجهنَ المزيدَ من الاستغلالِ والإيذاء.

نداءٌ للتحرك

يشعرً الموقعون/ات أدناه بقلقٍ عميقٍ إزاءَ وضعِ العاملاتِ والعمال المهاجرات والمهاجرين  في لبنان. قد تكونً هناك أزمةٌ تتسببُ في محاصرةِ مئاتِ الآلافِ من المهاجرين والمهاجرات في لبنان تفرضُ عليهم/ن مواجهةَ الاستغلالِ والإيذاءِ والعنفِ من دونِ حمايةٍ، وقد يواجهون/ن عقوبةَ السجنِ لأجلٍ غير مسمى إذا طلبوا/ن الترحيل، لأننا نفترضُ أن أربابَ العملِ سيتجنبون دفعَ تكاليفِ السفر، أو سيكونون ويكن محاصرين/ات في منازلِ أصحابِ العمل إذا لم تتشارك السفاراتُ ووزارةُ العمل في آلياتٍ للمتابعة مع أولئك الذين واللواتي يعملون/ن داخل المنازل ويرغبون/ن في المغادرة. للعمالِ والعاملات المهاجرين والمهاجرات الحقُ في العودةِ إلى بلدانهم/ن، وبالتالي ندعو:

الأمنَ العامَ اللبناني:

1- إلى إصدارِ تعميمٍ خاصٍ لتسهيلِ عمليةِ خروجِ العمالِ والعاملات المنزليين/ات المهاجرين/ات من خلال:

أ) تحديدِ فترةِ عفوٍ تسمحُ للعمال والعاملات غير المسجلين/ات بالتسجيلِ لدى الأمنِ العام من أجلِ العودة إلى أوطانهم/ن،

ب) تسريعِ عمليةِ التحقيقِ والإعادةِ إلى الوطن،

ج) السماحِ لهؤلاء العمالِ والعاملات غير المسجلين/ات الذين/اللواتي يرغبون/ن في السفرِ بالتسجيلِ دون احتجازهم/ن،

د) إعفاءِ العمالِ والعاملات من الرسومِ الجزائيةِ السنويةِ لتسهيلِ قدرتهم/ن على السفرِ في أقربِ وقتٍ ممكن،

هـ) دعمِ العمالِ والعاملات المهاجرين/ات المسجلين/ات في السفرِ من طريقِ تسهيلِ التوصلِ إلى حلٍّ سريعٍ مع أربابِ عملهم/ن، في الحالات التي يرفضُ فيها أصحابُ العملِ دعمَ الإعادةِ إلى الوطن أو في حالاتِ سوءِ المعاملة المبلَّغِ عنها.

2- إلى إنشاءِ فريقِ عملٍ خاصٍ مع سفاراتِ العاملاتِ لتعقًّبِ الأعمالِ الورقيةِ وتقليلِ الوقتِ اللازمِ للتحقيقِ في إساءةِ المعاملةِ والاتجارِ وعدمِ دفعِ الأجور، وكذلك إصدار وثائقِ سفرٍ جديدة.

سفاراتِ بلدانِ العاملاتِ المهاجرات: 

 يشجعُنا مثالُ سفارةِ الفيلبين التي فتحت فترةَ تسجيلٍ للعودةِ المجانيةِ إلى البلاد للعمال والعاملات. تغطي الحكومةُ الفيلبينيةُ تكلفةَ التذاكرِ ورسومَ العقوبات. وانطلاقاً من هنا، ندعو السفاراتِ الأخرى إلى: 

  1. الإعلانِ عن خططٍ للطوارئ وتأمينِ المواردِ الماليةِ لإعادةِ العمالِ والعاملات المهاجرين/ات الذين واللواتي يرغبون/ن في مغادرةِ لبنان،
  2. تكثيفِ ساعاتِ العملِ وزيادةِ المواردِ البشريةِ لإنجازِ الأعمالِ الورقية والتعاونِ مع الأمنِ العامِ من أجلِ التسجيلِ السريعِ وعملياتِ العودةِ إلى بلدانِ العمال والعاملات المهاجرين والمهاجرات.

Facebook
Twitter
LinkedIn