أنقذوا إسراء عبد الفتاح من التعذيبِ!
مساء يوم السبت ١٢ تشرين الأول/أكتوبر 2019، اختطفَ عناصرٌ من قواتِ الأمنِ المصريةِ بزيٍ مدني المدافعةَ عن حقوقِ الإنسانِ إسراء عبد الفتاح واقتادوها إلى مكانٍ غيرٍ معلوم. وتمَّ الكشفُ عن مكانِ احتجازِها في ١٣ تشرين الأول/أكتوبر بعد اختفاءٍ قسري دامَ أكثرَ من ٢٤ ساعة تعرّضت خلالَها لتعذيبٍ وسوءِ معاملةٍ من قبلِ أفرادِ الشرطةِ والأمنِ الوطني. وقررت النيابةُ المصريةً سجنَ إسراء عبد الفتاح 15 يوماً على ذمةِ التحقيقاتِ بتهمةِ الانضمامِ إلى جماعةٍ محظورة، ونشرِ أخبارٍ كاذبة، وذلك في نفس القضية التي تشملُ المحاميةَ والمدافعةَ عن حقوقِ الإنسانِ ماهينور المصري وكذلك المدافعَ والناشطَ علاء عبد الفتاح والمحاميَ محمد باقر.
بعدَ التحقيق مع إسراء في 14 تشرين الأول/أكتوبر، قال وكيلُها إنها تعرَّضت للتعذيبِ في مقرِ الأمنِ الوطني وقد تمَّ إثباتُ ذلك في محضرِ التحقيق، فقد ضُربَت، وكذلك تعرضت لمحاولةِ خنقٍ في معرضِ إجبارِها على الإفصاحِ عن كلمةِ السرّ الخاصةِ بها لتفتيشِ محتوياتِ هاتفهِا بما فيها صورُها وأحاديثُها الشخصية. وذكرَ المحامي أن الضابطَ الذي حققَ مع إسراء أشارَ الى أن حياتَها مرتبطةٌ بتسليمِها إياهم كلمةَ السرِّ، وبالتالي محتوياتِ هاتفِها. وقد أوردَ موقعُ “مدى مصر” أن إسراء بدأت إضراباً عن الطعامِ احتجاجاً على ما استهدَفها من تعذيبٍ وتنكيل. كما انتشرَ تحقيقٌ صحافي بعدما كشفَ وكيلُها معلوماتٍ عن تعرّضِها للتعذيب، يُشهِّرُ بسمعةِ إسراء ويتهمُها بممارساتٍ غير مقبولةٍ مجتمعياً ويصوّرُها على أنها أخلّت بالآدابٍ العامة، ويزعمُ أنَّ اعتقالهَا وحبسَها تبريرٌ لذلك وعقابٌ لها على تلك الممارساتِ المُلفقةِ، بهدفِ التقليلِ من التضامنِ معها في تشويهٍ لحقيقةِ أسبابِ اعتقالِها لتضليلِ الرأيِ العام.
إن إسراء عبد الفتاح مدافعةٌ بارزةٌ عن حقوقِ الإنسان وتعملُ صحافيةً في جريدةِ التحرير وموقعِها الالكتروني. وكانت الصحيفةُ تعرضت لأزماتٍ متعددة خلال الأشهرِ الماضيةِ، بدأت مع حجبِ الموقع الإلكتروني منذ أيار/مايو الماضي تبعَها وقفُ طباعةِ النسخةِ الورقيةِ ليتمَّ إغلاقُها بعد ذلك وحجبُ رواتبِ الصحافيين العاملين فيها منذ أواخر تموز/يوليو الماضي. كما أن المدافعةَ عن حقوقِ الإنسانِ إسراء عبد الفتاح ممنوعةٌ من السفر منذ 13 كانون الثاني/يناير 2015 لاتهامِها في قضيةٍ تُعرفُ باسمِ “التمويلِ الأجنبي” لمنظماتِ المجتمعِ المدني المصرية، والتي تشملُ كذلك “نظرةَ للدراساتِ النسوية” التي جُمدَّت أرصدتُها وكذلك مُنعت مؤسِستُها المدافعةُ مُزن حسن من السفرِ، وكذلك المحاميةَ عزة سليمان من مركزِ قضايا المرأةِ المصرية. ورفضت السلطاتُ القضائيةُ أكثرَ من التماسٍ تقدَّمت به إسراء للسماحِ لها بالسفر، بينما تستمرُ التحقيقاتُ معها في هذه القضية. وجاءَ اعتقالُها أخيراً في سياقِ تظاهراتِ 20 أيلول/سبتمبر الماضي، إذ اعتقلَت قواتُ الأمنِ المصرية نحو مئةِ سيدةٍ وفتاةٍ بشكلٍ عشوائي، من بينهنَ عشراتُ المدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ والناشطاتِ النسوياتِ كأسماء دعبيس التي اعتُقلت في ٢٦ أيلول/سبتمبر ووُجَهت إليها نفسُ التُهم.
إنَّ التحالفَ الإقليمي للمدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ في الشرقِ الأوسطِ وشمالِ إفريقيا يدينُ نمطَ الانتهاكاتِ المتكررِ في مصر، ويعتبرُ أن هذه الهجمةَ جزءٌ من حملةٍ تستهدفُ المدفعاتِ، وقد سبقَ اعتقالُ إسراء وخطفها، وذلك ما تعرَّضت له أيضاً المحاميةُ ماهينور المصري والناشطةُ النسويةُ أسماء دعبيس. والتحالفُ تالياً يكررُ مطالبتَه بوضعِ حدٍ لاضطهادِ المدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ وقمعهِن مع الناشطاتِ اللواتي يمارسنَ حقوقَهن المشروعةَ في الدفاعِ عن حقوق ِالإنسان، أو حتى يحاولنَ استكمالَ حياتِهن بشكلٍ طبيعي في ظلِ خنقٍ وإغلاقٍ شاملٍ للمجالِ العامِ في مصر. كما يدعو المجتمعَ الدولي إلى مواكبةِ الوضعِ في مصر حيث استمرار حملاتِ الاعتقالاتِ التعسفيةِ التي بدأت في أيلول/سبتمبر ٢٠١٩ وتبدو بلا نهايةٍ، ذلك أنَّ السلطاتِ المصرية ما زالت مستمرةً في قمعِ المجتمعِ المدني والمنظماتِ والأشخاصِ الذين يدافعونَ عن حقوقِ الإنسانِ في ظلِّ صمتٍ دولي غيرِ مسبوق.
إنَّ التحالفَ الإقليمي يحمِّلُ الدولةَ المصريةَ المسؤوليةَ الكاملةَ لأي أذى يقعُ على إسراء عبد الفتاح ويطالبُ بالإفراجِ عنها فوراً ومن دونِ أي شروط. كما يوجهُ نداءً عاجلاً للمنظّماتِ الدوليةِ العاملةِ على حقوقِ الإنسان، وخصوصاً تلك التي تعملُ في المنطقةِ، ويحضُها على التعاملِ مع ما يجري في مصر بمسؤوليةٍ عاليةٍ وذلك تخوفاً من اعتقالِ مزيدٍ من المدافعينَ والمدافعات عن حقوقِ الإنسان في البلادِ ونجاحِ الدولةِ المصريةِ في الإفلاتِ من المحاسبةِ والتملّصِّ من مسؤوليتِها تجاهَ مواطنيها أولاً والمنطقةِ ثانياً. إنَّ ما يجري في مصر لا يؤثرُ فقط على المدافعينَ والمدافعات بشكلٍ شخصي، بل يؤثرُ كذلك على كافةِ الحركاتِ الاجتماعيةِ والحقوقية التي يعملون/نَ عليها، ويؤدي إلى تراجعِها وبالتالي إضعافِها وتفريغِها من مواردِها البشرية. إنَّ إفلاتَ الدولةِ المصريةِ من المحاسبةِ، يعززُ أيضاً من قدرةِ دولٍ كثيرةٍ في المنطقةِ على الإفلاتِ مثلَها من المحاسبةِ والتمادي في الانتهاكات. إنَّ النكباتِ لا تأتي فقط من جراءِ كوارثٍ طبيعية، ولا شك أنَّ كمَّ الانتهاكاتِ والتعدياتِ التي تمسُ بكلِّ الأعرافِ الدولية في مصر يرقى ليكونَ كارثةً حقيقيةً على حقوقِ الإنسان.
نحضُ المُنظّماتِ الدولية العاملة على حقوقِ الإنسانِ في المنطقةِ على إعلاءِ أصواتِها حيال ما يجري في مصر، والعملِ على:
- مطالبةِ مصر بالإفراجِ الفوري عن إسراء عبد الفتاح وجميع المعتقلينَ والمعتقلاتِ في السجونِ المصرية الذين اعتقلوا واعتُقلنَ بناءً على عملِهم/ن السياسي وذلك من خلالِ بياناتٍ علنيةٍ موجّهةٍ إلى وزارةِ الخارجيةِ المصريةِ بصفتِها المعنيةَ، وكذلك بعثةِ مصرِ الدائمةِ في الأممِ المتحدة.
- إرسالِ شكوى عاجلةٍ للمُقررينَ الخاصين ذوي الصّلةِ ومطالبتِهم بإصدارِ بياناتٍ علنيةٍ تدينُ ما يجري في مصر والتواصلِ مع الجهةِ الرسميةِ المختصةِ في الدولةِ المصرية والضغطِ عليها للإفراجِ الفوري عن المعتقلينِ السياسيين والمعتقلات السياسيات.
- مطالبةِ الأممِ المتحدةِ بتشكيلٍ لجنةِ تحقيقٍ وتقصٍ دوليةٍ تهدفُ إلى زيارةِ المعتقلينَ والمعتقلاتِ وحضورِ المحاكماتِ وإصدارِ تقريرٍ للرأي العامِ الدولي والمصري.