القبضُ على المحاميةِ ماهينور المصري: أفرجوا عنها الأن!

القبضُ على المحاميةِ ماهينور المصري: أفرجوا عنها الأن!

تشهدُ مصر منذ العام 2013 إقفالاً للمجالِ العامِ وذلك من خلالِ منعِ التظاهرِ، واستهدافِ المدافعين والمدافعات عن حقوقِ الإنسانِ من خلال التعرِّضِ لمؤسساتهم/ن أو إنهاكهم/ن في قضايا قانونيةٍ ومنعهم/ن من السفر وتجميدِ عملِ مؤسساتهم/ن، كما في تقييدِ حريةِ الصحافةِ وإحداثِ مناخٍ من الخوفِ والرعبِ بين المواطنين هدفُه تخويفهم من التعبيرِ والتغييرِ بطبيعةِ الحال. فرغم كُل المناشداتِ من المجتمعِ الدولي والعاملِ في مجالِ حقوقِ الإنسان والتي تدعو مصرَ إلى إعادةِ النظرِ في سياستِها الحكومية المتعلقة بالحرياتِ والحقِ في التعبيرِ وإبداءِ الرأي وعملِ الجمعياتِ الأهلية والمدنية، لا يبدو أن الدولةَ المصريةَ تستجيبُ لها، مما ينذرُ بكارثةٍ على مستوى العنفِ الأهلي ومستوى القمعِ في مصر والذي قد يحصدُ أرواحاً وحيواتٍ يستطيعُ العالمُ أن ينقذَها في الاستمرارِ في الضعطِ على الدولةِ المصرية. 

 في مطلعِ الشهر الماضي، تمت الدعوةُ من خلالِ منصّاتِ الفايسبوكِ للتظاهرِ ضد المناخ السائدِ في مصر واعتراضاً على إدارةِ مفاصلِ الدولة، واستجابَ لها بعضٌ من المواطنين والمواطنات في جميعِ أنحاءِ الجمهورية وتمت مواجهتُها بقمعٍ شديدٍ. ففي محافظة السويس تمَّ أُطلِقَ الرصاصُ الحي والقنابلُ المسيّلةُ للدموع. كما شنّت الشرطةُ حملاتِ اعتقالاتٍ عشوائية في مختلفِ المحافظاتِ طالت الناسَ في الشوارع من دون مراعاةِ أسبابِ التواجدِ في المكانِ العام ومن دونِ مراعاةِ القانون؛  وحوصلت الاعتقالاتُ إلى *1003 وقد نقلَ المحامون الذين يعملون على حضورِ التحقيقاتِ أن الكثيرَ من المعتقلين تقلُ أعمارُهم عن 18 سنة، كما بلِّغَ العشراتُ من المواطنين عن اختفاءِ أقاربهم منذ نهار الجمعةِ الواقع في 20 أيلول/سبتمبر 2019. 

وسط هكذا مشهدية، تلقّى التحالفُ الإقليمي للمدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ في الشرقِ الأوسطِ وشمالِ أفريقيا خبرَ اعتقالِ المحاميةِ ماهينور المصري في ليل 22 أيلول/سبتمبر من العام 2019 بقلقٍ شديدٍ، وحيث عَلِم التحالفُ الإقليمي أن المحاميةَ ماهينور المصري كانت تمارسُ عملَها بحضورِ تحقيقاتٍ لنيابةِ أمنِ الدولةِ في منطقةِ التجمّعِ الخامسِ في قضيةٍ تتصلُ بأحدِ زملائها المحامين؛ وقد تمَّ إلقاءُ القبضُ عليها من أمامِ مبنى النيابة بعد انتهائها من العملِ واقتيدت إلى مكانٍ مجهول. كما وردت الأنباءُ عن اعتقالِ محاميةٍ أخرى أيضاً بعد حضورِها التحقيقاتِ، بالإضافةِ إلى الاعتقالاتِ التي طالت العديدَ من النساءِ والمدافعاتِ عن حقوقِ الإنسان. 

في 23 أيلول/سبتمبر من العام 2019 مثلت الأستاذةُ ماهينور المصري أمام النيابةِ العامّة التي قررت تمديد احتجازها بهدفِ استكمالِ التحقيقاتِ في القضيةِ رقم 448 لسنة 2019 المتعلقةِ بأمنِ الدولة، والتي تُعرَفُ إعلامياً بقضية “الزمامير” والتي شملت دعواتٍ إلى الاعتراض من خلالِ إطلاقِ “الزمامير” كشكلٍ من أشكالِ المعارضة، ولكن لم تكن المصري على علاقة بهذه الدعوى. وقد تمّ تمديدُ اعتقالِ المحامية لمدّة 15 يوماً ووجِّهت لها اتهاماتٌ بالمشاركةِ في جماعةٍ محظورةٍ ومساعدتِها على تحقيقِ أهدافها، ونشرِ أخبارٍ كاذبةٍ لترويعِ الرأيِ العام المصري. 

 إنَّ اعتقالَ ماهينور المصري في الظروفِ المذكرة أعلاه، يُفهَمُ على أنه عملٌ إنتقامي من الحكومةِ المصرية التي تهدفُ إلى تكميمِ أفواهِ المدافعينَ والمدافعات عن حقوقِ الإنسان وخصوصاً أولئك الذين هم/ن على صلّةٍ بالمعتقلينَ/ت على خلفيةِ التظاهراتِ الأخيرة والذين يوثّقون/يوثقنَ الانتهاكاتِ الجسيمة الواقعة في أقسامِ البوليس من ظروفِ اعتقالٍ ووصولاً إلى التحقيقاتِ وتوجيهِ التهم.  

قامت المحاميةُ والمدافعةُ عن حقوقِ الإنسان ماهينور المصري لسنواتٍ عديدةٍ  بالدفاع عن حقوقٍ متنوعةٍ منها الحقُ في التظاهرِ والدفاعِ عن المعتقلين وتوثيقِ الانتهاكاتِ من قِبلِ فاعلي الدولة وكذلك الانتهاكات التي يتعرضُ لها السوريون والسوريات في مصر، إلى محاربةِ الفسادِ وتنسيقِ مجموعةِ لا للمحاكماتِ العسكريةِ للمدنيين في الإسكندرية. وهي حائزةٌ على جائزةِ لودوفيكتراريو الدولية لحقوقِ الإنسان في حزيران/يونيو 2014 تقديراً لعملِها في الدفاعِ عن مختلف الحقوق. ويذكر أنها ثاني من تلقى هذه الجائزةَ في السجن منذ نيلسون مانديلا عام 1985.   

 يدعو التحالفُ الإقليميُ جميعَ المعنيين في مجالِ حقوقِ الإنسان وفي إطارِ المدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ في الشرقِ الأوسطِ وشمالِ أفريقيا ألى القيامِ بحملةِ ضغطٍ واسعةٍ مع ماهينور المصري وجميع معتقلي الرأي في مصر، والضغطِ على الحكومةِ المصريةِ للإفراج عنها فوراً وإسقاطِ جميع التهمِ عنها، والكفِّ عن مضايقتِها وهي تقومُ بتأديةِ عملِها في الحفاظِ على القانون وحمايةِ الحقوق. 

Facebook
Twitter
LinkedIn