أهميةُ تعزيزِ مفهومِ المدافعات عن حقوقِ الإنسانِ في العراق وحمايتِهن من الانتهاكات
هيئةُ التنسيقِ المحليةِ في العراقِ العاملةُ ضمنَ التحالفِ الإقليمي للمدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ في الشرقِ الأوسطِ وشمال أفريقيا.
في ظلِّ عدمِ وجودِ قانونٍ محلي يضمنُ الحقوقَ والحمايةَ للمدفعاتِ في العراق، وكذلك قلةِ الدعمِ الدولي وندرةِ المواثيقِ الدولية التي تُلزمُ الدولَ بتنفيذِها وتوفيرِ آلياتِ الدعمِ لهن، لا زالت النساءُ العراقياتُ يواجهنَ أشكالاً متعددةً من العنفِ والتمييزِ تجعلهن يتعرضن للاستهدافِ بسبب نوعِهن الاجتماعي ومواصلتِهن العملَ من أجلِ حقوقِهن الإنسانية بالرغم من تعرضِهن للمضايقاتِ والانتهاكاتِ المختلفة، مثل الإساءةِ والترهيبِ والخطفِ وحتى القتل. إلا أنهنَّ، وأمام كل هذه الانتهاكات، يرفعنَ أصواتَهن عالياً للتصدي للظلمِ والحيفِ الذي يلحقُ بالكثير منهن، والذي يتطلب تضامناً محلياً ودولياً فعالاً للتعريفِ بالمدافعاتِ عن حقوقِ الإنسان لخلقِ وعيٍ مجتمعي داعمٍ لهن.
لازالت الحاجةُ كبيرةً لتوسيعِ الدائرةِ المعرفيةِ بالمدافعاتِ عن حقوقِ الإنسان المعترفِ بها دولياً، مع توفيرِ منصاتٍ إعلاميةٍ تساهمُ في التعريفِ بهن كنساءٍ يعملنَ مدافعاتٍ على أرضِ الواقعِ عن قضايا الناس وهمومِ النساءِ المهمشات، وكيفيةِ انخراطِ النساءِ في المجتمعِ وسوقِ العملِ والمجالِ السياسي والاجتماعي والثقافي، حيث لا زالَ المجتمعُ بعيداً تماماً عن الإنجازات التي تحققُها النساءُ المدافعاتُ في مختلفِ الأنشطةِ والمستوياتِ. وهذا عملٌ يحتاجُ إلى حملاتِ توعيةٍ للتعريِف بالمدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ بشكلٍ شاملٍ وفعالٍ لمكافحةِ جميعِ الانتهاكاتِ والمخاطرِ التي تواجهُهن، إضافةً إلى الحاجةِ لوضعِ آلياتٍ للحمايةِ والوقايةِ لتأمينِ سلامتِهن من التهديداتِ وعملياتِ القتل. ولا يمكنُ تحقيقُ ذلك إلا من خلالِ إستراتيجيةٍ شاملةٍ تعملُ على دعمِ الدورِ القيادي للمدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ في كلِّ مكان، مما يجعلهنَ قادراتٍ ومتمكناتٍ من الحصولِ على الحمايةِ القانونيةِ والمواردِ المتعلقة بها، بما في ذلك الخدمات والدورات التدريبية على الأنظمةِ المحليةِ وغيرِها من الأمورِ البالغةِ الأهمية، وإشراكِ المدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ في عمليةِ وضعِ السياساتِ والاستراتيجياتِ المرتبطةِ بحقوقِ النساءِ وحمايةِ المدافعاتِ عن حقوقِ الإنسان، واتخاذِ خطواتٍ جادة في هذا الاتجاهِ من قِبلِ القياداتِ الحكوميةِ والحزبيةِ والدبلوماسية.
إن بناءَ بيئةٍ مجتمعيةٍ محميةٍ وآمنةٍ للمدافعاتٍ عن حقوقِ الإنسانِ يحتاجُ إلى توفيرِ المواردِ الماليةِ المتاحةِ للمدافعاتِ عن حقوقِ الإنسان على مستوياتٍ متعددة، ويجب أن تكونَ مستجيبةً لاحتياجاتِهن ومطالبِهن، واعتمادِ آلياتٍ أكثرَ مرونة من قِبلِ المنظماتِ المانحةِ لتكونَ قادرةً على الاستجابةِ العاجلةِ لاحتياجاتِ المدافعاتِ عن حقوقِ الإنسان، ومساعدتِهن في الوصولِ إلى النساءِ المهمشاتِ في المناطقِ الحَضريةِ أو الريفية التي عانت من النزاع، وتخصيصِ مواردَ للدعمِ النفسي والاجتماعي والصحي على المستويات المحليةِ والإقليميةِ للمدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ ممن يواجهنَ التهديداتِ والمضايقات وآثارَ النبذِ وتشويهَ السمعةِ والتشهير، إلى إيجادِ شبكةٍ من التواصلِ الفعالِ ولعبِ دورٍ أكبر في رفعِ الضغطِ لحمايةِ المدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ المُستهدفاتِ أو اللواتي يواجهنَ الخطرَ، وتطويرِ آلياتٍ أفضل لتعليمِ ودعمِ المدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ اللواتي لا يستطعنَ الوصولَ للمنصاتِ الدوليةِ للفتِ أنظار الرأي العامِ على أبرزِ القضايا والتحدياتِ والتعريفِ بنضالاتِهن والمخاطرِ التي تحيطُ بهن.
كما يمكنُ أن تساهمَ المنظماتُ المحليةُ والإقليميةُ في بناءِ شراكاتٍ فعالةٍ مع المؤسساتِ الأكاديميةِ للوصولِ إلى الجماهيرِ ونشرِ ثقافةٍ واسعةٍ بالمدافعاتِ عن حقوقِ الإنسان، ومعالجةِ قضايا المجتمعِ الذكوري، ومنها عدمُ المساواةِ بين الجنسين، والتحرش الجنسي، إلى وضعِ آلياتٍ للشكاوى والمساءلةِ لتقليصِ حجمِ الانتهاكاتِ ومكافحتِها مجتمعياً وبما يعززُ من حمايةِ النساء ِالمدافعات عن حقوقِ الإنسان ويكرِّسُ القيمَ والمبادئ الساميةَ لحقوقِ الإنسانِ في العراق.
ولا يقفُ الحدُّ عند الحمايةِ الدولية وتوفيرِ قوانينَ محلية لضمانِ حمايةِ المدفعاتِ عن حقوقِ الإنسان وإنما يستوجبُ الأمرُ بناءَ علاقاتِ ثقةٍ في مجتمعاتِهن التقليديةِ وفي داخل أُسرِهن لضمانِ استمرارِ عملِهن بعيداً من الرعايةِ الأبويةِ التي تستوجبُ منعَهن من العملِ في حال حدوثِ أي انتهاكٍ بحقهن.