الافراج عن المدافعات عن حقوق الإنسان في السودان!
شهدَ السودانُ في شهر يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين تظاهراتٍ في عددٍ من المناطق اعتراضاً على إجراءاتِ التقشفِ التي اتخذتها الحكومةُ والتي أدت إلى رفعِ أسعارِ السلعِ الأساسيةِ وخصوصاً الخبز، فسُميت الاحتجاجاتُ بـ”مظاهرات الخبز”. وهي كانت بدأت بشكلٍ متقطعٍ في الأول من ديسمبر/كانون الأول بعدما أقرت الحكومةُ موازنة العام 2018 التي رفعت الإعاناتِ عن الطحين والكهرباء وخفضت قيمةَ العملةِ المحلية.
تقودُ التحركاتِ والاحتجاجاتِ الأحزابُ التقدميةُ ومنظّماتُ المجتمعِ المدني والحركةُ النسائيةُ. وأعلنت مبادرةُ “لا لقهر النساء” دعمَها الكاملَ للتحركاتِ السلمية. وجاء في في بيانٍ أصدرته يوم الخميس 11 يناير/كانون الثاني 2018 “أن السُكوتَ لم يعد ممكناً، والنظامُ يمارسُ بطشَه وقهرَه للنساءِ بالقوانينِ المذلةِ والمهينةِ لهن. المرأةُ دفعت ثمنَ الحروب التي أشعلَها النظام. والنظامُ لم تكفه “حملاتُ التخلفِ” التي قادَها ضد الشعبِ السوداني بالهوسِ الديني والاضطهادِ العرقي، فقامَ بوضعِ المواطنِ أمام آلةِ الغلاء الطاحنة”. ورفعَ المتظاهرون والمتظاهرات شعاراتٍ تنددُ بميزانية 2018 التي تسببت في رفعِ أسعاِر الخبزِ إلى الضعفِ وغيره من السلعِ الأساسية. كما هتفوا “سلمية ضد الحرامية”، و”البمبان (الغاز المسيل للدموع) سلاحٌ جبان”. وطالبوا أيضاً برحيلِ النظامِ الحاكم في السودان
استخدمت سلطاتُ الأمنِ والقوى الأمنيةُ السودانية العنفَ والقوةَ لتفريقِ الاحتجاجاتِ السلمية في عددٍ من المناطق التي قامت اعتراضاً على إجراءاتِ التقشفِ التي اتخذتها الحكومةُ، واعتقلت العشرات من المدافعينَ والمدافعات عن حقوقِ الإنسان.
ففي يوم الأربعاء الواقع في 10 يناير/كانون الثاني، وجهت السلطاتُ قواتِها إلى اعتقالِ معظمِ المدافعاتِ عن حقوق الإنسان اللواتي شاركنَ في الوقفةِ الاحتجاجيةِ التي دعت إليها مبادرةُ “لا لقهرِ النساء”، فاعتُقلت رئيسةُ المبادرة السيدة إحسان فقيري والمدافعاتُ عن حقوقِ الإنسان نجلاء نورين ورشيدة شمس الدين وإحسان كزام، وهي قياديةٌ في حزبِ الأمة. وهنَّ أُطلِقنَ بعد خمسِ ساعات من التوقيف، لكنهن يستدْعيْنَ يومياً إلى مكاتبِ الأمنِ من الصباح حتى المساء، ومعهن المدافعتان عن حقوق الإنسانِ إحسان عبد العزيز والهام مالك اللتان تُستدعيانِ منذ 12 ديسمبر/كانون الأول 2017.
وفي 16 يناير/كانون الثاني، اعتقلت السلطاتُ السودانيةُ أكثرَ من مئةِ مشاركٍ ومشاركةٍ من المدافعينَ والمدافعاتِ عن حقوقِ الإنسان والمحاميات، وقد كانوا في تظاهرةٍ سلميةٍ منددةٍ بالغلاء دعت إليها قوى المعارضةِ مجتمعةً. وأُطلِقَ معظمهم بعد توقيفٍ دامَ أكثر من تسعِ ساعات، باستثناءِ المدافعتين، الصحافيةُ أمل هباني، وهي من مبادرةِ “لا لقهرِ النساء” ومدافِعةُ عن حقوقِ الإنسانِ محتفىً بها دولياً وحاصلةٌ على جائزةِ “قنيتا ساقان” المقدَّمةِ من منظمةِ العفو الدولية؛ وكذلك المدافعة ناهد جبرالله، وهي مديرةُ مركز “سيما للتدريبِ وحمايةِ حقوقِ المرأةِ والطفل”. وهي حالياً في حالٍ صحيةٍ سيئة، إذ تعاني من كسرٍ في رجلهِا ويدٍها. وأفاد شاهدٌ بأن هباني ضٌربت أثناء التحقيقِ معها بعصا كهربائيةٍ.
وفي 17 يناير/كانون الثاني، اعتقلت السلطاتُ كلاً من هبة دفع الله الملقبةِ بـ”أبوني” وهي طالبةٌ في جامعةِ الأحفاد، والمدافعةِ عن حقوقِ الإنسان المغنيةِ مهدية، وهي أوقفت تظاهرات أم درمان واحتُجِزت يوماً. كما اعتقلت السلطات المدافعة رواء جعفر بخيت، وهي مدافعة بارز عن حقوق أسر النازحين ولم تقدم السلطات أي سبب واضح لاحتجازها.
وفي 18 يناير/كانون الثاني، تم اعتقال المدافعة سارة نقدالله حيث مرت بظروف صحية حرجة نتيجة ظروف احتجازها السيئة ورفض جهاز الأمن السوداني نقلها الى المستشفى.
وفي 31 يناير اعتقلت السلطات السودانية المدافعة والمحامية حنان حسن خليفة اثر توجهها لتقديم الدعم القانوني للمحتجزين في قسم شرطة الصافية.
تم الافراج عن المدافعات اللواتي تم اعتقالهن بهذا الشكل التعسفي بعد ما يقارب الشهر على اعتقالهن وذلك بفضل المظاهرات والاحتجاجات التي قامت بها المدافعات أمام مراكز الشرطة. ويهم التحالفَ الإقليميَ للمدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ في الشرقِ الأوسطِ وشمالِ أفريقيا التذكير بأنه مدين للانتهاكاتِ التي ارتكبتها السلطاتِ السودانيةِ بحق المدافعات عن حقوق الإنسان واستمرارها بتقييدِ حريةِ المدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ ومعاملتهن بشكلٍ تعسفي، خصوصاً لكونهنَ نساءً يدافعنَ عن حقوقِ الإنسان. ً. ونذكرُ السودانَ بأن الاعتقالاتِ التعسفيةِ تتنافى مع دستورهِ الذي أكد الالتزامَ باحترامِ حقوقِ الإنسانِ المنصوصِ عليها في الاتفاقاتِ والعهودِ والمواثيقِ الدولية المُصادَقِ عليها من قِبَلِ حكومة الخرطوم واعتبارِها جزءاً لا يتجزأ من وثيقةِ الدستور. فإن الاعتقالات التعسفية التي قامت بها أجهزة الأمن تخالف المواد ( 29)، (31)، (40-أ)، (48) من دستور جمهورية السودان الانتقالي، لسنة 2005م. كما خالف المواد (2)، (7)، (8)، (9)، و(30) من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، والمواد (2)، (5)، (9)، (17)، (19)، (21) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والمواد (2)، (4)، و(6)، من الميثاق الأفريقي لحقوق الانسان والشعوب، والمواد (2) ، (3-أ)، (4) ، (8)، (28) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان.