25-11
تأتي حملةُ #هي_مدافعة لهذه السنةِ في ظلِ اضطراباتٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ إقليميةٍ ودوليةٍ، وفي ظلِ اتباعِ السلطاتِ الإقليميةِ أنماطَ قمعٍ واحدةٍ ونماذجَ متشابهة، ولتؤكدَ على أن معاركَ المُدافِعاتِ عن حقوقِ الإنسان للتواجدِ في الفضاءِ العامِ في الشرقِ الأوسطِ وشمال أفريقيا لا تزالُ مستمرةً. وعلى الرغمِ من محاولاتِ الإسكاتِ والترهيبِ اللامتناهية، تمكَّنَت المُدافعاتُ عن حقوقِ الإنسانِ من فرضِ أنفسِهن كخطِ مواجهةٍ صلبٍ للإستبدادِ والقمع.
ذلك أنه منذُ انطلاقِ الحملةِ للمرةِ الأولى العام الماضي، تعرَّضَت المدافعاتُ لانتهاكاتٍ عدةٍ وحملاتٍ شرسةٍ وكُنَّ عُرضةً لخطرِ العنفِ والتعذيبِ وصولاً إلى القتلِ. ففي مصر حيثُ جُمِدَت أصولُ المدافعتينِ عن حقوق الإنسانِ المُحتفى بهما دولياً الأستاذة مُزْن حسن، المديرةُ التنفيذيةُ لمؤسسةِ “نظرة للدراساتِ النسوية”، والمحاميةُ عزة سليمان، رئيسةُ مجلسِ أمناءِ “مؤسسةِ قضايا المرأةِ المصرية”، مع منعِهِما من السفرِ مع عددٍ من المدافعاتِ مِنَ “مركزِ النديمِ للعلاجِ والتأهيلِ النفسي” الذي أُقفِلَ بالشمعِ الأحمر؛ وافقَ الرئيسُ السيسي على قانونٍ يضَعُ القبضةَ الحكوميةَ على مُقدَراتِ منظماتِ المجتمعِ المدني ومؤسساتِه وجمعياتِه. وتالياً ضاقَت المساحةُ العامةُ للمُدافعاتِ وصولاً إلى اعتقالِ المُدافعةِ سارة حجازي لرفعِها علمَ قوسِ القزحِ في حفلٍ موسيقي مع مطاردةِ أكثرِ فئاتِ المجتمعِ عرضةً للعنفِ، تزامناً مع توقيفِ عددٍ من الناشطينَ النوبيين على خلفيةِ التظاهرِ السلمي والمطالبةِ بالحقوقِ الثقافيةِ ومواجهةِ النسوياتِ النوبيات للسُلطاتِ من خلالِ الإضرابِ الجزئي عن الطعامِ لأكثرَ من أسبوعين. ومن مصر وصولاً إلى فلسطين واعتقالِ المدافعةِ ختام سعافين في السجون الاسرائيلية لأكثرَ من شهرٍ على خلفيةِ نشاطِها النسوي؛ مروراً بحراكِ الريفِ في المغرب واحتجازِ أكثرَ من 40 ناشطٍ وناشطة، من بينهم المُدافعة سيليا الزياني وانتهاك حقِها بمحاكمةٍ عادلةٍ، وصولاً إلى المُدافعةِ البحرينية ابتسام الصايغ التي تعرَّضت لشتى صنوف العنفِ والانتهاكاتِ لكْونِها امرأةً ولدفاعِها عن حقوق الإنسان…
كلُّ ما ذُكِرَ أعلاه مثالٌ صغيرٌ عما تواجهُه المُدافعاتُ عن حقوقِ الإنسانِ، فهن يخُضْنَ معركةً ضدَ انتهاكاتِ حقوقِ الإنسان من قِبَلِ السلطاتِ الاستبداديةِ والنظامِ الأبوي في آن معا. وعلى الرغمِ من كل القيودِ التي وضعَتْها السلطاتُ متذرِعةً بمكافحةِ الإرهابِ وحفظِ الأمنِ القومي والتي وفرَّت لها غطاءً يمنحُ شرعيةً شكليةً لتجريمِ الدفاعِ عن حقوق الإنسان، تمكَّنت المدافعاتُ من تحقيقِ انتصاراتٍ بارزةٍ. ففي السعودية استرجعت النساءُ حقَهُن في القيادةِ بعدَ عقودٍ من نضالِ المدافعاتِ ومخاطرتهن بأنفسهِن لتحصيلِ هذا الحقِ البديهي. وبنتيجةِ ضغطِ المُدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ، أُطلقت ختام سعافين وابتسام الصايغ، وكذلك الناشطون النوبيون. ولا يزالُ الضغطُ والنضالُ مستمرين من دون كللٍ حتى تحقيقِ العدالةِ.
إن المُدافعاتِ عن حقوقِ الإنسانِ تمكنَّ من تسجيلِ انتصاراتٍ وإنجازاتٍ عدة، وعلينا أن نقدّرَ جهودَهُن ونعترفَ بالدورِ الأساسي والحيوي الذي يضطلِعنَ به في حمايةِ حقوق الإنسانِ ومحاسبةِ السُلطاتِ التي تماِرسُ العنفَ الممنهجَ ضدهن. وعلينا كذلك حمايةُ المُدافعاتِ والتضامنُ معهن والتأكيدُ القاطعُ على أنَّ الدفاعَ عن حقوقِ الإنسان ليسَ جريمةً!