لبنان: مئات الإنتهاكات لحقوق الانسان والتعرّض للمحامية ديالا شحادة!
9\7\2017
التعرّضُ للمحاميةِ والمدافعة ديالا شحادة
كانت المحاميةُ والمدافعة عن حقوق الإنسان الاستاذة ديالا شحادة حصلت على قرارٍ قضائي معجلٍ نافذٍ على أصله صادرٍ عن قاضي الأمور المستعجلة في زحلة قضى بتكليف الطبيب الشرعي المُحلَّف الجراح ريمون خزاقة إجراءَ كشفٍ طبي على الجثث الثلاث المودعة في برادات مستشى زحلة، وذلك لبيانِ سببِ الوفاة، خصوصاً أن التقارير الشرعية الصادرة التي استُحصِلَ عليها من النيابة العامة العسكرية خلصت إلى أن الوفيات “طبيعيةٌ مئة في المئة، ولا آثار للعنف”.
وخلال تنفيذها للقرارِ القضائي المعجّل وتسليم العينات للطبيبِ الشرعي في مستشفى “أوتيل ديو” في بيروت، ليل الخميس الواقع في 7 تموز 2017، فوجئت المحامية وفريقها بعناصرٍ عرّفوا عن أنفسهم بأنهم من مخابرات الجيش طلبوا منها تسليم العيناتِ من دون أي احترام للقرار القضائي الذي بحوزتها. كما تعرّضت المحامية وفريقُها للتهديد اللفظي، مع الإشارة إلى أن عناصر مخابرات الجيش قاموا كذلك بترهيب الموظّفين العاملين في المستشفى، إذ انتشر عناصرٌ مسلحون في قسم الطورائ في المستشفى ورُكنت آلية عسكرية في الخارج. وقد اضطرت شحادة إلى تسليم العينات عند طلب المدعي العام التمييزي، ومع ذلك بقي بعضٌ من العناصر في المستشفى إلى حين مغادرة المحامية، وهي كانت تواصلت مع نقيب المحامين طلباً للحمايةِ على خلفيةِ التهديد التي تلقته من العناصر الموجودين في المستشفى. وبحسبِ شهادةٍ نشرتها على حسابها الشخصي على موقع “فايسبوك”: “اتصلتُ بنقيب المحامين في بيروت وشرحتُ له الموقف وطلبتُ الحماية فأجابني بأنه سيهاتفُ الرئيس صقر في الصباح. استمرّ التربص حتى نحو الساعة الثالثة صباحاً حين تنبهتُ إلى وجود آلية عسكرية وشابين مدججين بالسلاح في صرحِ المستشفى أمام بابها الداخلي. قمتُ بتصويرهم بهاتفي فدنا مني عنصر ثالث مدني بسرعة وطلب مني تسليم هاتفي. ولما امتعنتُ، قال لي الشاب الذي بالكاد تجاوز العشرين: “إذا محامية أنا فيني إذا بدّي إستغني عن حصانتك”. فقدتُ أعصابي وصرختُ بكل طاقتي بعباراتٍ أجدها الآن واهية وساذجة، على وزن: “هيدا بلد بيحكمه القانون مش واحد حامل رشاش”.
خلفية القضية
نهار الجمعة الواقع في 30 حزيران 2017، اعتقل عناصرٌ في الجيش اللبناني أكثر من 300 شخص وذلك خلال دهمِ مخيمٍ للاجئين السوريين في عرسال الواقعة في قضاء بعلبك. ونُشرت صورٌ للمداهمات بدا فيها الموقوفون ممدين أرضاً ووجوهم إلى الأسفل تحت أشعة الشمس. وصف الجيش اللبناني العمليةَ بأنها “أمنيةٌ وقائيةٌ ضد المسلحين الذين يخططون لهجماتٍ تستهدف لبنان”.
وصدرت تصاريحٌ متضاربة بشأن وجود خمسة إنتحاريين حاولوا مهاجمةَ الجنودِ أثناء العملية التي أدت الى مقتل أربعة منهم، ومن ثم الاعلان أن سببَ الوفاةِ كان نتيجة أمراضٍ مزمنة تفاقمت بسبب إرتفاع الحرارة. وأصدرَ المركزُ اللبناني لحقوق الإنسان بياناً في 5 تموز 2017 دان فيه بشدة أعمالَ التعذيب التي ارتكبها الجيش اللبناني خلال عمليات التوقيف في عرسال، والتي قد تكون ساهمت في وفاة الموقوفين الأربعة، واستنكر المركز كذلك نشرَ الصورِ المهينة لعمليات التوقيف، كما أشار إلى الانتهاكات الصارخة للقوانين اللبنانية والدولية، مطالباً وزارة الدفاع اللبنانية والقضاء بـ”فتحِ تحقيق قضائي فوري في حالات التعذيب وضمان فحص الجثث من قبل طبيبٍ شرعي مستقل تحدده العائلة، والسماح لأهالي الموقوفين بزيارتهم وتعيين محامين لهم من دون رقابة”. كما نشر لائحة مفصلة بأسماء الموقوفين ودعا إلى “السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارتهم وتوقيف أي ضابطٍ وعنصر تثبتُ مشاركته في عمليات التعذيب وحتى صدور الأحكامِ القضائية”.
إن “التحالف الاقليمي للمدافعات عن حقوق الانسان في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا” يدين كل أشكالِ الترهيب التي تعرّضت لها المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان ديالا شحادة التي نجحت، مع الأسف، في عرقلة مهماتِها في الدفاع عن أربعة معتقلين توفوا خلال عمليةِ احتجاز، وإحباط محاولةِ وصولها الى إثباتٍ قد يؤكد فعلاً أنهم قضوا نتيجةَ ظروفٍ طبيعية أم ضحية للتعذيب والملابساتِ المحيطة بعملية الاحتجاز.
إن ديالا شحادة من الأصواتِ الى تنشطُ من دون كللٍ في الدفاع عن حقوق الإنسان الخاصةِ باللاجئين والنساء والعاملات المهاجرات في لبنان. والتعرّضُ لها وعدم الاعتراف بدورِها في الحفاظ على القانون اللبناني الذي يكفلُ العدالةَ للجميع دون تمييز، تدهورٌ خطيرٌ يمسُ حصانةَ المحامين والمحاميات ودورهم في تنفيذِ العدالة وتطبيق القوانين اللبنانية والدولية.
إن الدفاعَ عن حقوق الإنسان الخاصةِ باللاجئين ليس جريمةً، كما أن دورَ المؤسسةِ العسكرية يحب ألا يتعارضَ مع الحريات المدنية والحقوقية. لذا يطالب “التحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” السلطاتِ الرسمية اللبنانية بفتح تحقيق ٍشفافٍ في ما تعرّضت لها المحامية ديالا شحادة وفريقها ومحاسبة المتورطين، وكذلك إنشاء لجنة تحقيق مدنية مستقلة تتقصى الحقائق الخاصة بعملية عرسال، وضمان احترام حقوق الإنسان العالمية التي يتلزم بها لبنان في مقدمة دستوره والتي تكفلُ حقوق الإنسانِ الخاصة باللاجئين في الأمنِ والأمانِ، كما تضمنُ الحقَ في دفاع عن حقوق الإنسانِ من دون أي مضايقاتٍ او عراقيل. ويناشدُ التحالفُ الاقليمي الشركاء الدوليين من منظمّاتٍ دولية حقوقية وهيئاتِ الأمم المتحدة التضامن مع ديالا شحادة وفريقها بكافة الطرق!