مقابلة حول النضالات والصعوبات والتهديدات: المدافعات عن حقوق الإنسان في العراق اليوم
وراء العناوين السريعة للأخبار بين تفجيرات القاعدة وإعدامات داعش والتوتّر الطائفي في العراق هناك مناضلات يعشن يوميات هذه الظروف ويناضلن ويتعرضن لكافة الإنتهاكات والضغوطات، ويواجهن صعوبات لا تتكلم عنها الجرائد وقنوات الأخبار. ولإلقاء الضوء على وضع المدافعات عن حقوق الإنسان في العراق سألنا المحامية إيمان عبد الرحمن، رئيسة معهد المرأة القيادية ورئيسة الشبكة العراقية لقرار 1325 حول ما تتعرض له المدافعات العراقيات والصعوبات في عملهن. وكان أول سؤال لنا عن قانون الجعفري. ففي 2014 أحال مجلس الوزراء العراقي الى البرلمان مشروع هذا القانون الذي قامت مظاهرات ضده. فسألنا لماذا المشروع مرفوض من قبل المدافعات وما هي المظاهرات والحملات التي قامت ضدّه؟
فقالت: لقد ظهر مسودة هذا القانون بشكل مفاجئ دون سابق إنذار ودون معرفة أي جهة وقد تبنّاه حزب ديني قبل فترة قصيرة من الانتخابات لهذا كانت كدعاية انتخابية. ومن أهم عيوب مشروع القانون. يفتح مشروع القانون الباب أمام تزويج فتيات. لا تتجاوز أعمارهن تسع سنوات،
وكانت هناك العديد من وقفات الاحتجاج من قبل ناشطات وناشطين وهم يحملون فتياتهم الصغيرات مبينين اهم مخاطر هذا القانون وهو تزويج الصغيرات دون سن 9 سنوات.ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومة العراقية إلى سحب مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري، وضمان حماية الإطار القانوني العراقي للسيدات والفتيات، بما يتماشى مع إلتزامات العراق الدولية.
وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جو ستورك في هيومن رايتس ووتش: “من شأن تبني القانون الجعفري أن يمثل خطوة كارثية وتمييزية في ما يتعلق بسيدات العراق وفتياته، فهذا القانون الخاص بالأحوال الشخصية لن يعمل إلا على تكريس انقسامات العراق، بينما تزعم الحكومة تأييد الحقوق المتساوية للجميع”.
وأضافت عبد الرحمن: “شهدت العديد من محافظات العراق تظاهرات نسويّة، بعضها أيّد القانون وطالب مجلس النواب بتمريره. لكن البعض أيضاً إعتبره “بمثابة اعلان حرب ضد المرأة في العراق”. وقد كانت هناك وقفات احتجاج من اجل إيقاف هذا القانون ، بالإضافة الى ذلك كانت هناك حملات مدافعة من خلال المجتمع الدولي من أجل الغاء هذه المسودّة.
إحدى أهم المطالب التي تم تقديمها امام لجنة سيداو وهو إلغاء هذه المسودة وفعلا تمّ تبني توصية خاصة بإيقاف هذا القانون وبشكل فوري. كانت لنا وقفة أمام برلمان السويد وتقديم طلب للتدخل السريع من خلال وزارة الخارجية ومن خلال كل هذه الضغوط تم إيقاف مشروع القانون ولكن ومع الأسف لم يتم الغاءه الى وقتنا هذا”.
أما عن التهديدات التي تتعرّض لها المدافعات عن حقوق الإنسان في العراق تقول عبد الرحمن “التهديدات مستمرة بشتى الوسائل عن طريق الرسائل او الايميل او الهاتف او التلويح بالكلام المباشر. إذا كانت الناشطة تعمل في القطاع الحكومي تـُهدّد بإنهاء عملها وفصلها وتُحرَم من أي إمتيازات، اما إذا كانت تعمل ضمن القطاع الخاص فيتعرض رئيسها في العمل الى التهديد مما يضطر على إنهاء خدماتها”. كما أفادتنا عبد الرحمن أن “عدداً من الناشطات تظاهرن من اجل الغاء القانون الجعفري لما يحتويه من تميز وعنف ضد المراة حيث تم اتهامهم وبشكل صارخ وعلى قنوات التلفاز بأنهن ساقطات أخلاقيا مما أثار جدل كبير بين عوائلهن ووسط المجتمع حيث عشن بعزلة كبيرة وتم نبذهن مجتمعياً”.
كما تتعرض المدافعات عن حقوق الإنسان للقتل على يد داعش، فقد قُتِلت المدافعة عن حقوق الإنسان سميرة صالح النعيمي في الموصل رمياً بالرصاص كما قُتِلت مستشارة محافظ صلاح الدين لشؤون حقوق الإنسان أميمة الجبوري وهي تتصّدى لتنظيم داعش.
سمعنا عن العنف والإستغلال الجنسي الذي يمارسه التنظيم. كيف تحصل عملية توثيق إعتداءات داعش على النساء وخصوصا ً الأيزيديات والأقليات؟
بعد الاعتداءات الكبيرة من داعش على النساء العراقيات لم يكن هناك اي توثيق لا من قبل الحكومة ولا من قبل المنظمات للصعوبة الجمّة الى جانب الخطورة التي
تتعرض لها الناشطة اذا ما كانت قريبة من المكان من أجل التوثيق. وكان هناك تكتّم من الجميع بسبب عدم معرفة الجميع ماذا حصل ولماذا. ولكن وبعد فترة ليس بالقليلة بدأ النشطاء بنقل الأخبار ممّا شجع الناشطات للوصول والتوثيق عندما تمكن الجيش من التصدّي للتوسع الذي قام به داعش وفرار بعض من العوائل والنساء والفتيات ممن تعرضن للاغتصاب بالتحدث بشكل واضح وصريح. ومن هذه اللحظة بدأت المفوضية العليا لحقوق الانسان بالتوثيق والعمل على جمع الأدلة وخصوصاً بعد وقفة النائبة فيان دخيل [وهي نائبة أيزيديّة] أمام البرلمان وطالبت بالتدخل السريع لأن مجتمعها يتعرض الى إبادة جماعية وقد تم استخدام سلاح جديد وفتّاك هو العنف الجنسي وبيع النساء بالأسواق من أجل التمتع بهن من قبل عناصر داعش.
ما هي الصعوبات التي تواجهها المدافعات عن حقوق الانسان في التوثيق؟
من اهم الصعوبات في موضوع التوثيق هي قلة المعرفة بآليات التوثيق وطرق جمع المعلومات والتعامل معها، بالإضافة الى أن حالات التوثيق كانت من خلال المقابلات للناجيات او للشهود وهذا يحتاج الى دراية بالتعامل مع الناجيات من العنف الجنسي وقبول الناجية بالكلام. وهناك رفض كبير من قبل الناجيات مثلا من حيث التعاون مع الناشطات المسلمات كونهن يعتبرن ان داعش يمثل الإسلام وقد التقيت مع إحدى الناجيات وقد تكلمت بطريق توحي للالم والخوف والرعب من أي رجل ملتحي الى جانب صمّ اذنيها عند سماع الاذان وقول الله أكبر حيث تقول يقتلون تحت اسم الله اكبر ويغتصبون تحت مفاهيم دينهم ويطلب منا الإعلان بترك ديانتنا والانتماء للاسلام واذا تم رفض هذا الموضوع من قبل أي يزيدي او يزيدية يتم تصفيتهم جسديا وامام انظار الجميع.
هل هناك آليات او نيّات سياسية لمساعدة الضحايا؟
مع الأسف لا يوجد وإن وجدت فهي مبادرات آنيّة وبسيطة وخجولة ولا ترتقي الى تقديم المساعدة والعون بشكل صحيح ومؤثّر.
هل يوجد تنسيق بين كافة المدافعات والجمعيات في القضايا التي تعملن بها, مثلا بين كافة المناطق العراقية؟ كيف/لما لا؟
لا يوجد تنسيق ولكن هناك مشاركة بالمعلومات من خلال إجتماعات او مؤتمرات وهذا ما يعيب عمل المنظمات في العراق.
هل هناك نساء او أشخاص في المناصب السياسية تدعم حقوق النساء بجديّة؟
أكيد ولكن استجابتهن ضعيفة ولأسباب عدّة تتعلّق بعدم الاهتمام او بضغط من أحزابهن او حتى خوف على حياتهن من جهات سياسية أخرى وكونهن مهمشات ضمن أحزابهن والناشطة في الحزب تكون تبعيتها الى حزبها مما يجعلها مكتوفة الأيدي وضعيفة الإرادة.